السيد علي الميلاني (قدس سره)

السيد علي الميلاني (قدس سره)

                        

السيد علي الميلاني (قدس سره) إبن آیة الله السید عباس المیلانی ابن مرجع الطائفة آیة الله العظمـــی السید محمد هادی (قدس الله سرهما)

ولد سنة 1949 فی أسرة علمیة وذات فقاة فی النجف الأشرف.

واصل دراساته الحوزویة بعد الدراسة الأکادیمیة على ید أعلام النجف الأشرف فی المراحل البدائیة مراحل السطوح ،ولما وصل إلى بحث الخارج أنتهل من ینابیع المعرفة و الفکر الاصیل على ید کبار العلماء و المراجع فی النجف الأشرف وفی طلیعتهم السید أبو القاسم الخوئی قدس الله نفسه الزکیة ، وآیة الله العظمى السید نصر الله المستنبط،وآیة الله السید عبدالأعلى السبزواری ، و سماحة المرجع السید علی السیستانی(دام ظله الوارف ).

أرتقى المنبر الحسینی وهو ابن الخامسة عشر عاما ، حیث قرأ فی النجف الأشرف سنتین وفی سنة 1966م ذهب الى البصرة وبقی عشر سنوات إلى سنة 1975م ، وفی سنة 1977م انتقل إلى البحرین و الخلیج.

قضى أربعین سنة من عمره الشریف فی العراق الى جوار جده امیرالمؤمنین علی علیه السلام ، ثم نتیجة لما تعرضت لهاالحوزة والعلماء لجأ للنزوح لخارج العراق واستقر به المطاف فی مشهد المقدسة على مشرفها آلاف التحیة و الثناء فی آواخر 88 وبدایة 89 وأسس الحوزة العلمیة العراقیة العربیة فیها.

وبعد عمر ملییء بالعطاء و التضحیة و المثابرة کرسه ( قدس الله سره ) فی خدمة مذهب اهل البیت علیهم السلام من خلال الدراسة و التدریس فی الحوزة العلمیة الشریفة و من على منبر الخطابة و الارشاد الدینی ، توفی رحمه الله ظهر یوم الثلاثاء 10/1/2012 فی مدینة مشهد الایرانیة وقد نقل جثمانه الشریف الى النجف الاشرف لیدفن الى جوارمرقد الامام أمیرالمؤمنین علیه الصلاة و السلام فی مقبرة وادی السلام.

أجرينا هذا اللقاء معه ( قدس سره ) بتاريخ 2008/5/13  في المدرسة الدينية في مدينة مشهد المقدسة اوالتي أنشأها جدهم السيد آية الله عبدالهادي الميلاني ، وقد اخترنا جانبا من هذا اللقاء ، وقد شاهدنا منه الكثير في ورعه وتكريس وقته وجهده في قضاء حوائج الناس فقد كان لا يرد احدا يطلب منه قضاء حاجة مادية كانت او معنوية وكان محبوبا في مجتمعه في مدينة مشهد كما كان محبوبا في المجتمع النجفي وكان (رحمه الله) رحيب الصدر حلو المعاشرة طيب الاخلاق ... 

اضافة إلى ذلك فهو سيد جليل القدر وعلامة فاضل، وخطيب بارع..

عندما التقيناه في مدرسة الإمام الصادق (عليه السلام) في مشهد المقدسة بادرنا قائلاً:

ارحب بكم احبتي وأعزتي وأنتم ابناء النجف، كنا نتوق ونتطلع إلى هذا اللقاء وبهذه الوجوه الطافحة بالإيمان والولاء والغيرة على النجف الأشرف وحرم الامام علي (عليه السلام) وشكرا لكم على هذه الزيارة واتاحة الفرصة للتحدث معكم.

سألناه عن البطاقة الشخصية لسماحته؟

السيد علي بن السيد عباس بن السيد اية الله العظمى محمد هادي الحسيني الميلاني، ولدت في النجف الأشرف سنة 1949م المصادف 1368هـ من اسرة علمية عريقة اسرة اية الله العظمى السيد محمد مهدي الميلاني وعلى كل حال الإنسان بعمله ليكون عصاميا لا عظاميا كما يقول الشاعر كن من شئت واكتب أدبا.. واختتم قولي بقول الإمام امير المؤمنين (عليه السلام) الشرف بالهمم العالية لا بالرمم البالية.

نشأة سماحة السيد الميلاني ودراسته؟

قضيت من عمري 40 سنة في النجف الأشرف حيث خرجت منها سنة 1988 على اثر الضغوطات التي تعرضت لها من قبل النظام البائد.

بدأت من الصغر بالدراسات الأكاديمية حيث كان ديدن البيوتات العلمية في النجف تسجيل أبناءهم في مدرستين هما مدرسة منتدى الشعر والمدرسة العلوية لأنهما كانتا تتميزان بالطابع الديني والعقائدي فهي تدرس اضافة إلى الدراسة الأكاديمية كباقي المدارس دروس حوزوية دينية وكان الكثير من اولاد العلماء معنا في الدراسة مثل اولاد اية الله العظمى السيد محسن الحكيم (قدس) السيد صاحب والسيد علاء والسيد عبد العزيز.

وكانت تسود هذه المدارس جوا دينيا مميزا بعدها تحولنا من المدارس الأكاديمية إلى الحوزة العلمية حيث درس المقدمات والسطوح إلى ان وصلت إلى البحث الخارج.

من ابرز اساتذة السيد علي الميلاني؟

من ابرز اساتذتي في المقدمات والسطوح المرحوم الشيخ مجتبى اللنكراني هذا الشيخ الجليل المعروف بزهده وبساطته، فقد كان يعيش من الصلاة الاسئجارية، وقد درس المكاسب والعقائد والأصول وكان استاذا بارعا متمكنا حتى طلب منه السيد محمد رضا الحكيم نقل دروسه إلى مدرسة دار الحكمة.

وكذلك من اساتذتي اية الله الميرزا علي الغروي التبرزي، وكذلك شهيد المحراب السيد اسد الله المدني هذا الرجل الذي كان عالماً عاملاً بعلمه واعظا وكان يدرس في مدرسة البروجردي، كذلك تشرفت التتلمذ عند اية الله السيد حسن مرتضوي الذي يعد من الرعيل الأول من اساتذة مشهد وهو احد تلاميذ اية الله الشيخ حسين الحلي وهو من زملاء اية الله السيد علي السيستاني ،والشهداء الإعلام السيد عز الدين بحر العلوم والسيد علاء بحر العلوم حيث درست عنده الكفاية وفرائد الأصول في بداية سنة 1970 ـ 1971.

اساتذة السيد الميلاني في البحث الخارج؟

لله الحمد حضرت عند ثلاثة من اساطين الحوزة العلمية في النجف الأشرف حيث حضرت درس سماحة اية الله العظمى السيد الخوئي ودرس اية الله العظمى السيد عبد الأعلى السبزواري، ودرس اية الله السيد المستنبط ، وكتبت تقريرات وبحوث اصولية وفقهية وقد نلت ثقة اساتذتي، ولكن للأسف تركت ذلك التراث العلمي في النجف الأشرف وهاجرت.

متى هاجرت من العراق والسبب في ذلك؟

لا يخفى على أحد كيف بدأ التضييق على رجال الدين والحوزة بشكل خاص في فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي وقد تم تصفيه البعض منهم بطرق خبيثة عن طرق وضع السم لهم بالشاي والقهوة وغيرها عند استدعائهم إلى مديرية الأمن، وقد تعرضت في أحد المرات بعد استدعائي إلى محاولة اغتيال عن طريق وضع السم في الشراب الذي اعطي لي ولكن ببركة الدعاء وتربة الإمام الحسين نجوت باعجوبة وغيرها من المضايقات والمراقبات التي كانت ضدي وخصوصا وأنا أمام جامع وخطيب لذا قررت مغادرة العراق وبالفعل وبعد ذهابي إلى الحج  1988 ومن هناك ذهبت إلى ايران.

حديث عن اسرة الميلاني العلمية؟

جدنا المرجع الأعلى السيد محمد هادي الميلاني، والسادة الميلانيون حسينيون ينتمون بالنسب إلى الإمام زين العابدين وجدي الأربعون الإمام السجاد (عليه السلام) ونحن ننتمي اليه من ابنه علي الأصغر الذي سكن المدينة وكانوا يلقبون بشرفاء المدينة المنورة ونزح فرد من هذه الأسرة من المدينة إلى مدينة تبريز بعد طلب اهلها بانتقال احد ابناء السادة العلويين لان منطقتهم تخلوا من نسل رسول الله وبالفعل انتقل احد الشبان السادة إلى منطقتهم وقاموا بتزويجه من مدينتهم ورزقه الله الذرية فسكنوا في هذه المنطقة ولقبوا بها ميلان، وبعدها انتقل أولاده إلى مدينة النجف الأشرف وهما السيد مرتضى الميلاني والسيد احمد الميلاني وهما من تلاميذ الشيخ صاحب الجواهر وهناك انتشرت الشجرة العلوية وكان جدنا السيد جعفر الميلاني والسيد اية الله السيد محمد هادي الميلاني قدس سره.

الأسر العلمية في النجف الأشرف؟

ترتبط الأسر العلمية النجفية ارتباطا وثيقا من الناحية العلمية وحتى من الناحية النسبية فغالبا ما تعتقد في البيوتات العلمية مسائل فقهيه وعقائدية وتبادل بالآراء، أما من الناحية النسبية فهنالك ارتباط ايضا فمثلا جدنا اية الله السيد محمد هادي الميلاني هو تلميذ الشيخ محسن حسن الممقاني الذي خؤولة معهم، والسيد الشهيد محمد باقر الحكيم زوجته (أم صادق) هي بنت الشيخ محي الدين الممقاني وهو خالنا، والذي كان أحد دعائم مكتب السيد محسن الحكيم (قدس)، وكذلك السيد الشهيد محمد باقر الصدر كان يسكن في مقبرة الشيخ عبد الله الممقاني وهو جدنا من جهة الأم وجدتي ام والدي مدفونة في تلك المقبرة التي كان يسكن فيها الشهيد الصدر.

حديث عن الوالد والعم؟

والدي استاذي الأول الذي كان دائما يحثني للجد والاجتهاد وكان يقول لي إذا سئلت ماذا تريد ان تصبح مستقبلا فقل: أريد ان اتعلم واعلم واعمل وان أكون فقيها من فقهاء مدرسة آل محمد لنشر العلم وانفاقه، وكان يشجعني للصعود على المنبر وان أكون خطيبا لإيصال هذا العلم وهذا الفكر لكل شرائح المجتمع لأن المنبر هو وسيلة إيصال فكر أهل البيت (عليهم السلام ) وايصال الثقافة الإسلامية الحقة، لا ان نتخذ المنبر للكسب المادي بل لنشر العلم وفضائل أهل البيت وتربية المجتمع.

أما عمنا السيد نور الدين الميلاني الذي كان يقيم صلاة الجماعة في الحرم الحسيني وهو خريج حوزة النجف الأشرف ومن اعلامها وولده موجود الآن في قم وهو آية الله السيد علي الميلاني له تحقيقات ومؤلفات كثيرة.

حديث عن اخوته الثلاثة!

فقدت ثلاثة اخوة ممن كانوا يرجى خيرهم. أخوتي الذين دفنتهم بيدي هم الشهيد السيد محمود الميلاني وهو من خيرة طلبة السيد الخوئي وكان متفوقا في دروسه وهو صهر السيد الخوئي.

والشهيد السيد حسين الميلاني، والشهيد السيد محسن الميلاني ممن حضروا البحث الخارج وكانوا من الطلبة النابغين والمتفوقين وكان والدي يجلهم ولا يكلفهم بعمل حتى يفرغوا للدروس والتعلم وكان رحمة الله عليهم لهم مستقبلا باهرا ولكن.. هذا الحديث له شجون.

مؤلفات سماحة السيد علي الميلاني؟

لدي من تراث اهل البيت (عليهم السلام) اكثر من المطبوع فمثلا لدي عشر مجلدات من المحاضرات العقائدية ومحاضرات تفسير القرآن وعن تاريخ الأئمة الطاهرين وهي محققة ولكنها لم تطبع بعد، في الحقيقة وضعت اهتمامي بجمع وتحقيق كتب السيد الجد آية الله العظمى السيد محمد هادي الميلاني هذا الرجل مدرسة في كل شيء ولديه تراث عقائدي وفقهي كبير وقد جمعت استفتاءاته الفقهية والعقائدية التي كان يجيب عليها بنفسه وبخطه واسميناه في كتاب (الرؤى العلمية للسيد الميلاني)، وايضا كتاب (قادتنا كيف نعرفهم) وكتاب (شرح زيارة الغدير للإمام أمير المؤمنين عليه السلام)، وتفسير سورة الجمعة والتغابن للسيد الميلاني وغيرها من الكتب الذي كان دورنا فيها الجمع أو الترجمة والتحقيق.

نراك كثير الحركة والعمل والانشغال فكيف تستغل وقتك؟

الله وحده يعلم ببواطن الأمور ولا أحب الحديث عن نفسي، وانما اذكر شيئا اتماما للفائدة بفضل الله تعالى وبعد اشرافي وإدارتي لمدرسة الإمام الصادق في مدينة مشهد المقدسة حيث ابدء باعطاء الدروس لطلبة الحوزة العلمية وبعدها اصلي صلاة الظهر والعصر في الحسينية النجفية وبعد الصلاة هناك محاضرات يومية توجيهية وبعدها احاول ان اجيب عن الأسئلة الفقهية والعقائدية وحل بعض المشاكل مع المؤمنين، ولدي بعض الاهتمامات في الكتابة والتحقيق، وقد أنشأنا ولله الحمد (مؤسسة السيد الميلاني لإحياء الفكر الشيعي) على موقع سابق وفي المساء أصلي صلاة المغرب والعشاء في الحسينية النجفية وإعطاء محاضرات سواء باللغة العربية او الفارسية وأيضا الجواب على بعض الأسئلة الموجهة، يجب على الإنسان استغلال هذا الموقف الثمين خدمة لدين الله تعالى.