السيد عبدالرحمن شرف

السيد عبدالرحمن شرف صحفي رحالة صاحب جريدة السفير التي كانت تصدر في الاسكندرية تحت عنوان رحلته في ( الشرق المجهول ) بعددها المرقم 30 والمؤرخ 18 ديسمبر سنة 1982 .

قال في رحلته : لم يكن في مدينة النجف خلال بسط النفوذ التركي عليها رغم جودة هوائها وحسن مناخها اي أثر من آثار الحضارة والعمران وكل ما تمتاز به هذه المدينة المقدسة هو وجود ضريح الامام علي بن ابي طالب فيها .

وقد عُني بتشييد هذا الضريح وتنسيقه وزخرفته في صورة تبهر الالباب وتسبي العقول اشهر مشاهير مهندسي الفرس وكان ذلك تحت اشراف ملوك ايران وامراء الهند وعظمائهم ولقد زاد في جمال ذلك البناء الفخم بعض سلاطين آل عثمان وحكام العراق اما الضريح فقائم في مقصورة مربعة -  طول كل منها ثلاثة اذرع بوجه التقريب على ما اذكر وهكذا ارتفاعه .

وهذه المقصورة تعلوها قبة شاهقة عظيمة يزين سقفها نقوش هندسية بديعة، وآيات من الكتاب العزيز واحاديث نبوية تختص لآل البيت وكلها محلى بالذهب الابريز 

ولهذه القبة من الخارج شكل قلّما يوجد له نضير بين قباب الاضرحة والمساجد في العالم كله، اذ انها مكسوة بطبقة نحاسية تعلوها طبقة ثانية من الذهب الخالص ويبلغ سمك هذه الطبقة الذهبية ثلاث مليمترات على ما أكّد لي بعض الفنيّن المطلعين على بنائها . 

وهكذا شرفات المآذن الكبيرة والمحيطة بالقبة الذهبية، فاذا ما اشرقت شمسٌ باشعتها على تكلم القبة والمأذنتين قد تجد للنجف مِن على بُعد اميال بريقاً ياخذُ بالابصار، وتألقاً يشع النور في الفضاء، ويرتفع الى عنانِ السّماء، أما الأموال التي اُنفقت في سبيل إكساء القبة وحدها بطبقة ذهبية فتقدر بمبالغ طائلة جادت بها نفوسُ ملوكِ الفُرس واُمراء الهنود وسواهم من اثرياء الشيعة، ويحيط بضريح الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) رواقٌ واسعٌ لطواف الزائرين، ولهذا الطواف وكذا الزيارة نظام ينفذه اناس عديدون وفي الرواق المذكور من الزخرف ونفيس الآثار القيمة ما يدهش العقول.

ومدخل الرواق محلّى بطبقةٍ من الذهب الابريز أما بابُه فمصنوعٌ من الفِضة وحوله فناءٌ واسعٌ يحيط به سورٌ عظيم  شُيّدت الى جوانبه غرفٌ عديدة خُصص بعضُها لسكن القائم على صيانةِ الضريح ورؤية شؤونه والبعض الآخر لتعليم الاطفال وبيع الكتب وغير هذا من المتاجر، ويوصف أمين الضريح ( بالكليدار ) وهي كلمة فارسية معناها حافظ المفتاح ولا بد أن يكون من الاشراف الذين توارثو سدنة الضريح ، ولهذا الأمينُ نفوذٌ كبيرٌ لدى الخاصة والعامة .