أوليفيه

قصد الرحالة الفرنسي أوليفيه (1794 - 1796 م) الكوفة وسائر العتبات المقدسة وفيما حديثه عن الكوفة والعتبات المقدسة المجاورة لها قال : 

على بعد تسعة فراسخ جنوب الحلة، كانت تقوم سابقا مدينة عربية تسمى الكوفة لم يبق منها سوى بعض اطلال، لقد كانت واقعة على قناة مستمدة من الفرات في ارض خصبة مزدهرة وهذه القناة هي اليوم بدون ماء ويسميها البدو كري سعدة . 

انها البلاكوبا pallacopa التي يقول اريان  (1) flavius arrienبانها تتصل بهور كبير حتى الفرات وذلك على الضفة اليمنى من هذا النهر جنوب بابل . 

لقد جعلها الحكام الثلاثة الاوائل كما هو معلوم مقر اقامتهم كما جعلها الامام علي (عليه السلام) في أواخر سني حياته وكذلك الامام الحسن (عليه السلام) خلفه، اما الأمويون الذين اتوا بعد فقد استقروا في الشام او مدينة اخرى من مدن سوريا وبويع اول الحكام العباسيين في الكوفة وترك المنصور وهو الحاكم الثاني هذه المدينة، وارسى اسس بغداد ولا ندري في اي حقبة خربت الكوفة، ومن المحتمل ان ذلك لم يحدث الا بعد استيلاء التتار على بغداد اذ ياتي ذكر الكوفة في عهد العباسيين مرارا .

ويشاهد على بعد فرسخين الى الغربي والجنوب الغربي من اطلالة الكوفة مشهد علي او مشهد الامام علي وهي مدينة كبيرة جدا قد تكونت حول المسجد الذي يفترض بان هذا الخلفية مدفون فيه وقد شيد اكراما له بعد زمن طويل من وفاته .

مشهد يسكنه عرب وغيرها لذا كان نصف السكان سنيين يتبعون تعاليم العلماء الاربعة من المسلمين الاولين، والنصف الآخر شيعيا اي من شيعة علي (عليه السلام) ومن ضمن الأولين بعض الاتراك كانوا متمسكين بسادة الدولة (2)

ياتي سنويا للحج الى مشهد علي من العجم بعدد يقدر بخمسة الآف او ستة الآف يمرون جميعهم تقريبا ويتقاضى باشا هذه المدينة عن كل حاج اربعة قروش كضريبة، وهي واسطة يضمن لها الحماية التي يحتاجونها . 


(1) flavius arrien مؤرخ يوناني من القرن الثاني، له تاريخ الاسكندر الكبير . 

(2) وهذا وهم كبير وقع فيه أوليفيه ذلك ان النجف مدينة شيعية خالصة، اما الطبقة الحاكمة فهم من السنة الأتراك كما هو شأن سائر المدن العراقية في العهد العثمانية وعددهم قلة قليلة ولا ندري كيف عدهم أوليفية نصف السكان .