في مَهْرجان الغدير الخالد

{ محمدحسين الصغير }

ألقيت في الاحتفال الرائع الكبير الذي أقيم في الكرّادة الشّرقية ببغداد في حسينية الزويّة بتاريخ 25/ 12/ 1384 هـ، بمناسبة الاحتفاء بذكرى عيد الغدير المبارك.

وفي القصيدة صورة صادقة لما كان عليه المناخ السياسي في العراق.

 

هَبْني البيان عَصُوفاً يبْعَثُ الهِمَما

فقد أفِضْتَ عليَّ الحُزْنَ والألما

***

وقد هَزَزْتَ الشُّعُورَ الحيَّ فانجذبَتْ

بكَ العَواطفُ تَغْلي ثَوْرَةً ودَما

***

مَدَتني بانْطلاقاتٍ مُقدَّسَةٍ

إنْ لَمْ تَسَلْ ضَرَماً ألْهَبْتُها حمما

***

مِنْ مَنْبعِ الدِّينِ والإسْلامِ مَنْبَعُها

زاكٍ، ومِنْكَ نَدَاها المُسْتَفيضُ هَمَا

***

تُواكِبُ الجيلَ عِمْلاقاً بفكْرَتِهِ

وتَدْعَمُ العَصْرَ خَلَّاقاً بما اتَّسَما

***

وتَسْتَمِدُّ مِنَ الفُرْقانِ حِكْمَتَها

وتَسْتَمِدُّ من القُرْآنِ ما حَكَما

***

وتَسْتَشِفُّ عُهُودَ الدينِ زاهيةً

بما أشادَ رسُولُ اللهِ والْتَزما

***

وما أبانَ عليٌّ في رَوائعِهِ

بكُلِّ ما جَلَّ بُرْهاناً، وما عَظما

***

أنَّى بَدا وضحُ الإسْلامِ مُؤْتَلِقاً؟

وكَيْفَ ضمَّ شُعُوبَ الأرْضِ والأُمما؟

***

أنَّى أقَرَّ حُقُوقَ الشَّعْبِ أجْمَعُها؟

أَنَّى اصْطَفى غُرَرَ الأفْكار والحِكَما؟

***

أنَّى أقامَ على الإصْلاحِ دَوْلَتَهُ

أنَّى ابْتَنى سُنَنَ التَّشْريعِ والنُظُما؟

***

آمَنْتُ أنَّ صَدَى الإسْلامِ مُنْطلِقٌ

سَيُسْمعَ الدَّهْرَ مهما أظْهَرَ الصَّمَما

***

يا سَيِّدي أيُّ إيحاءٍ يُساعِدُني

في الشِّعْرِ أنْظمُهُ يَبْتَزُّ مَنْ نَظَما

***

حَيَّرْتَ عَقْلاً طَمُوحاً أنْتَ رائِدُهُ

فكُلُّ مَعْنًى ولُودٍ خِلْتُهُ عقما

***

عَفْواً إذا قُلْتُ إعْياءً، فرُبَّ فتًى

لهُ تمثَّلْتَ تياراً فما اقْتَحَما

***

يا خالقاً مِنْ نتاجِ الفِكْرِ جَوْهَرةً

ثمارُها العِلْمُ والعِرْفانُ والعُلمَا

***

ويا مُريقاً على التاريخِ فِكْرَتَهُ

ويا مُعيداً على الإنسان ما اهْتُضِما

***

ويا عَصُوفاً على الطُّغْيانِ مُنْدلِعاً

ويا نَميراً مِنَ الإحْسانِ مُنْسَجِما

***

ويا قَديراً على الإبْداعِ تُفْرِغُهُ

بالابْتكارِ شُمُوسٌ تُمْحِقُ الظُلَمَا

***

وأمَّةً جَمَعَتْ آثارها وزهَتْ

بنابغٍ عَبْقَريِّ صاعدٍ أُمَما

***

هذا (عَليٌّ) وذي دُنْياهُ تُنْبئنا

بأنَّ ألْفَ عَظيمٍ حَوْلَهُ وجَما

***

وهذه هيَ عُقباهُ تُخْبرُنا

بأنَّ مَنْ بَدأ الإسْلامَ قد خَتما

***

(عيدُ الغديرِ) وأكْرِمْ فيكَ مَفْخرةً

تعيدُ أمْجادَنا العَصْماءَ والقِيَما

***

ذكَّرتْنا بعُهُودٍ طالما اتَّسَقَتْ

بها الحياةُ، وثَغْرُ الدَّهْرِ قدْ بَسَما

***

ذكَّرتْنا برسُولِ اللهِ يُوقِفُها

مَواكِباً بغديرٍ فائضٍ نَغَما

***

ذكَّرتْنا بعليٍّ في بطُولَتِهِ

كالليْثِ يَزْأرُ في المَيْدانِ مُحْتَدِما

***

ذكَّرتْنا مُحْكَمَ القُرْآنِ تنزلُهُ

لنا مَلائكةُ الرَّحمانِ مُعْتَصَما

***

كتابُ أحْمَدَ قادَ العُرْبَ قاطبةً

والمُسْلمينَ فعادَ الشَّمْلُ مُلْتئما

***

سِفْرٌ لإعْجازِهِ تَعْنُو العُقُولُ فما

يَدْنُو لَهُ الشَّكُّ في ريْبٍ إذا اصْطدَما

***

سَيَكْشِفُ الدَّهْرَ عَمَّا كَنَّ محكمه

ويُنْبيءُ الغَيْبُ عمَّا ضَمَّ وانْتَضما

***

دُسْتُور رَبِّكَ لا آراءُ مُنْحَرفٍ

باغٍ، ولا فَلْسفات تَعْبُدُ الصَّنَما

***

لا يُصْلحُ النّاسَ فَوْضى لا نِظامَ لَهُمْ

ولا نِظامَ سوى الإسْلامِ إنْ حَكَما

***

يا رَبَّ (بَدْرٍ) لِواءُ الحَمْدِ يَقْدِمُهُ

وكانَ بَدْراً على آفاقِها نَجما

***

ورَبَّ (أحدٍ) وسِرَّ (الفتحِ) في يَدِهِ

و(النَّهْرَوانانِ) إذ فاضا دَماً سَجِما

***

يا فالِقَ الهامِ عَنْ وعيٍ، وعنْ عِظَةٍ

وشاهِرَ السَّيْفِ للإسْلامِ مُنْتَقما

***

جارَ الزَّمانُ عَلَيْنا في نَوائِبِهِ

والجُرْحُ أثْخَنُ ما لَمْ يُسْتَطِعْ كَلَما

***

ما أحْوَجَ الدِّينَ في عَصْرٍ بِهِ فُقِدَتْ

حَتَّى المقاييس لا نَقْضاً، ولا بَرَما

***

لقائدٍ عَبْقَريٍّ في مَوَاقِفِهِ

يَغْزُو، ويَكْشِفُ عَنْ أرْواحِنا القِمَما

***

مُضَحِيًّا لا لأطْماعٍ كَمَنْ حَكَمُوا

لكنْ لِيُنْقِذَ هذا العالم الأثما

***

فرُبَّ تَضْحِيَةٍ في اللهِ خالِصةٍ

يُصافحُ المَرْء فيها الصارِمَ الخَذما

***

وهَبْتَ نَفْسَكَ للإسْلامِ تَحْرُسُهُ

لمّا تَبَيَّنْتَ حَقّاً فيهِ قد وُسِما

***

والحقُّ يَعْلُو، ولا يُعْلَى عَلَيْهِ، فما

يُضيرُهُ الكُفْرُ والإلحادُ لَوْ هَجَما

***

والدينُ باقٍ مَعَ الأجْيالِ يُسْرِجُها

فَراقِداً تَسْتبيحُ الليلِ إنْ دَهَمَأ

***

زَهَتْ أشِعَّتُهُ الزَّهْراءُ وازْدَهَرَتْ

أنْوارُهُ، ومَشَى في سَيْرِهِ قُدُما

***

وثَوْرَةُ الدِّينِ والإسْلامِ جارفةٌ

تَجْتاحُ مُنْحرفاً عَنَّا ومُنْهَزِما

***

ورايةُ اللهِ علْيا في مَواكِبِها

للعَدْلِ تَنْشُرُ في آفاقِنا عَلَما

***

اللهُ أكَبْرُ!، والإسْلامُ رائدُنا

والنَّصْرُ للدينِ لا نَوْماً، ولا حُلُما

*** 

هَيْهاتَ نُخْدَعُ عَنْ دينٍ قَواعِدُهُ

بالطَّيِّباتِ تُشيدُ الأُسَّ والهَرَما

***

فإنَّنا أُمَّةٌ في الدينِ واجدةٌ

تَهُدُّ مَنْ زَيَّفَ الإسْلامَ أوْ رَجَما

***

وإنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ الإله غَداً

أتْقاكُمُ، فأزيلُوا الدَّسَ والتُّهَما

***

حَقيقةٌ بفمِ القُرْآنِ ناطقةٌ

قد وحدَّتْ عَرَب الإسْلامِ والعَجَما

***

أشْكُو إليكَ أميرَ المُؤمنينَ يَداً

للأجْنَبيِّ بنا تَسْتَهْدِفُ القِمَما

***

أشْكُو إليكَ مِنْ الحُكَّامِ فَرْعَنَةً

كما تَفَرْعنَ ذُؤْبانٌ رَعَتْ غَنَما

***

أشْكُو إليكَ مِنْ الأقوامِ فلْسَفةً

تُسَخِّرُ النَّاسَ في غاياتِها خَدَما

***

تُناقِضُ الدِّينَ تَشْريعاً ومُصْطلحاً

وتُلْبِسُ الشَّعْبَ مِنْ كابُوسِها نِقَما

***

فالاقتصاد قد انْهارَتْ قَواعِدُهُ

والوضْعُ في حالةٍ يُرْثَى لَها ألما

***

سياسةٌ سَقَطت قَدْراً، وقد مُلِئتْ

جَوْراً، وقد أمْطَرَتْ مِنْ غَيِّها دِيَمَا

***

وساسة بكراسي الحُكْمِ قد شُغِلُوا

لَلشَّعْبِ لا قَدَماً جَلُّوا، ولا قِدَما

***

فموْطِنٌ هَدَّمُوا في طائِفِيَّتِهِمْ

وشَتَّتُوا الشَّمْلَ عَنْ حِقْدٍ قد اضْطَرَما

***

يَنْعى الجَنُوبُ شمالاً فيهِ مِنْ جَزَعٍ

ويَنْدُبُ السَّهْلُ فيهِ البيدَ والأكما

***

والشَّعْبُ مُضْطَربٌ ممّا يُرادُ بِهِ

وعادَ مُصْطدِماً بالحَيْفِ مُرْتَطِما

***

ومِنْهُ حُريَّةُ التَّعْبيرِ قد سُلِبَتْ

وكُلُّ صَوْتٍ بليغٍ فيهِ قد لُجما

***

أمَّا (الإذاعةُ) فالإسفاف دَيْدَنُها

تُكيلُ مَدْحاً لهذا، أو لذا تُهَمَا

***

وفي (الصَّحافةِ) ما يُغْنيكَ قَوْلُهُم:

(تُعْطي وتَمْنَعُ لا بُخْلاً، ولا كَرَما)

***

لا تَعْجَبَنَّ لحُكْمٍ أنْتَ ناظِرُهُ

أنَّى اسْتطالَ، وأنَّى بالصَّميمِ رَمَى

***

بنُوا أميَّةَ ما زالَتْ جَرائرُهُمْ

تنالُ مِنْ مَجْدِ أهْلِ البَيْتِ ما احْتَشَما

***

في كُلِّ عَصْرٍ (عليٍّ) أوْ (مُعاويةٌ)

فسائِلْ اللهَ والتاريخَ والأُمَمَا

***

يا قادَةَ الفِكْرِ، ما هذا السُّكُوتُ وفي

أوْطانِكُمْ قد تَمادَى الحُكْمُ واحْتَدَما؟

***

يا لَلْرجالِ!! أما في الشَّعْبِ مِنْ رجُلٍ

يُناشِدُ الثأرَ، أو يَسْتَنْجِدُ الشَّمَمَا

***

يا لَرْجالِ!! أما في الشَّعْبِ مِنْ بَطَلٍ

يُدْمي مِنَ الباطلِ الهامات والَّلَمَما

***

لا عُذْرَ للمُسْلمينَ اليومَ إنْ جَبُنُوا

فذاكَ عارٌ بوجْهِ الأمَّةِ ارْتَسَما

***

فأقْحِمُوا المُثُلَ العُلْيا ضمائِرَكُمْ

وجَرِّدُوا للجهادِ السَّيْفِ والقَلَما