الاستاذ د. السيد عصام العماد ، 23 جمادى الاولى 1431 - 8/5/2010
الاستاذ عصام العماد شخصية ليست بسهلة , لما يحمله من ثقافة دينية لأغلب المذاهب الاسلامية ،وجدناه حاد المراس صلب العقيدة ذو علمية وافرة وبديهة سريعة وله معرفة ودراية في معرفة الاخر وكيف يقنعه أو يفحمه عن الرد .
فالهداية نور يقذفه الله تعالى في قلب من يشاء من عباده فكما جاء في قوله عز وجل مخاطباً نبيه الكريم صلى الله عليه واله (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء) وقد شاء تعالى أن يهدي هذا المؤمن اليمني الذي عرف الحق فاتبعه بالرغم من أنه نشأ وعاش ودرس بغض أهل البيت عليهم السلام .
ولكن بفطرته السليمة أخذ يستشعر حب علي (عليه السلام) وأولاده الكرام من خلال معرفته للحق ليتبع أهله (اعرف الحق تعرف أهله) فبمجرد أن تخلص من حالة التعصب والعداء شرح الله تعالى قلبه فركب سفينة النجاة وتمسك بالثقلين ودخل من باب مدينة النبي صلى الله عليه واله .
التقينا في مدينة قم المقدسة المستبصر اليمني الدكتور عصام العماد يوم السبت 23 جمادى 1431هـ الموافق 8/5/2010 فحدثنا كريماً عن قصة استبصاره وحياته ودراسته والواقع الإسلامي وهذا جانبا من اللقاء.
البطاقة الشخصية لسماحة الدكتور عصام العماد:
اسمي الكامل عصام علي يحيى العماد من مواليد 1968م ولدت في قرية (الصبار) التي تقع ما بين جنوب اليمن وشماله، نشأت في أسرة سنية متأثرة بالتيار السلفي الوهابي، والدي عضو مجلس النواب البلدي في صنعاء انتقلنا إلى صنعاء للعيش مع والدي ، ولدي (7) أخوة و(15) أخت وأغلب عائلتي كانت متأثرة بالمذهب الوهابي أسرة العماد أسرة معروفة على مستوى اليمن فوالدي كبير العائلة وعمي يعتبر المؤسس الثاني للحركة الوهابية في اليمن.
درست الدراسة الأكاديمية في المدارس الوهابية التي كانت في اليمن وهذه المدارس هي عبارة عن معاهد دينية تدرس المذهب الوهابي بتمويل من السعودية ، حصلت على الشهادة الثانوية ـ القسم الشرعي ـ من معهد صنعاء العلمي وهو أكبر معهد وهابي في اليمن بعد تخرجي من هذا المعهد عام 1987م حضرت دروس علماء الدين في المساجد ودروس بعض الشخصيات العلمية البارزة في صنعاء منهم العلامة العمراني بعدها قمت بتدريس الفقه السلفي وتوليت خطبة الجمعة في جامع الأسطى، وكنت قد حفظت عشرة اجزاء من القرآن بعدها سافرت إلى السعودية لإكمال دراستي والتحقت بكلية أصول الدين قسم الحديث في جامعة الإمام محمد بن سعود حضرت خلا لها دروس عند مفتي المملكة ابن باز.
أبرز أساتذة الدكتور العماد؟
ابرز استاذتي هو القاضي محمد بن اسماعيل العمراني والشيخ ابن باز والشيخ عمر الحكيمي والأستاذ عمر طرموم والشيخ أحمد سلامة والقاضي عبد الله بن نجد.
بصفتكم كنتم تدرسون المذهب الوهابي وقد عايشتم الكثير من علمائهم وطلبتهم كيف كانوا ينظرون إلى المذهب الشيعي بل كيف ينظرون إلى أهل البيت عليهم السلام ؟
نشأنا ودرسنا في المدارس الوهابية وفي أذهاننا صور قبيحة وقاتمة عن مذهب التشيع وأهل البيت حتى إننا ننزعج أشد الانزعاج وننفر مجرد ذكرهم فقد كان مصدرنا الوحيد لمعرفة التشيع من خلال كتب إحسان إلهي ظهير وكتب محمد مال الله وكتاب محب الدين الخطيب فامتلأت قلوبنا حقداً وكراهية أزاء الشيعة وأهل البيت وكنا متأثرين بأفكار ابن تيمية في الطعن بالإمام علي (عليه السلام) فكنا نتصور إن الإمام علي هو سبب الأزمة الإسلامية وهو سبب عدم انتشار الإسلام بسبب حروبه الداخلية وتنازعه على السلطة وإن الإمام علي (عليه السلام) كان ذا عقلية و عصبية جاهلية من خلال الاعتزاز بالعائلة بدل الإسلام وكنا نقول بأن أكبر نصر للإسلام هو ابعاد هذا الرجل عن الخلافة لأنه لو استلمها لحول الحكم إلى مملكة هاشمية وكنا نعتبر أن مقتل الإمام الحسين (عليه السلام) نعمة كبرى لأنه لو تمكن الحسين من السلطة لحول الدولة الإسلامية إلى مملكة ، وكنا نعتقد بان أكبر جريمة ارتكبت في الإسلام هو وقوف فاطمة بوجه الخليفة أبي بكر وتحولها هي وأولادها إلى طابور خامس لهدم الإسلام، لذا كنا على يقين إن أهل البيت هم سبب تخلف المسلمين وإنهم الشجرة الملعونة (استغفر الله) بينما كنا نرى أن العائلة الأموية هي التي حفظت الإسلام وأنهم الشجرة المباركة.
هذا كلام خطير! ولكن كيف تم التحول وكيف عرفت الحق؟
من خلال دراستي ومناقشاتي وحبي للتعلم والمعرفة ، أردت أن أعرف الكثير عن الشيعة وحقيقتهم حتى أفضحهم فوقفت على كتاب العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل للشافعي وهذا الكتاب بالرغم من أن كاتبه سني المذهب لكنه عاتب أهل السنة ازاء موقفهم من أهل البيت وبعدها قرآت كتاب محمد أبي زهرة (الإمام الصادق) وكتب سيد قطب وبن عقيل فبانت لي حقائق كثيرة استوقفتني فبدأت مرحلة جديدة في حياتي وظهرت عندي الحيرة ولكني تحررت من قيود الماضي وخرجت من عملية النصب والعداء لأهل البيت ولكني بقيت على رأيي بتكفير الشيعة بدون العداء لأهل البيت وقررت حينها أن اكتب كتاب في الرد على الشيعة تحت عنوان (الصلة بين الشيعة الغلو) وكانت هذه بداية تحولي الحقيقي، فقد اشتريت كتب الشيخ المفيد لأستطيع الرد على الشيعة ولكني عندما قرأت هذه الكتاب وجدت الكثير من الإجابات على الأسئلة التي كانت تراودني ففزعت وقررت أن احرق الكتب ولكني وجدت ان الشيخ المفيد أجاب عن كل الشبهات التي كنت تدور في خلدي فعرفت الحق حينها.
بعد معرفتك للمذهب الحق، ماذا كان قرارك؟
حين عرفت محمد وآل محمد (صلى الله عليه وعليهم) شعرت إني وجدت نفسي ووجدت بغيتي فلم اتحمل البقاء في تلك الجامعة (جامعة الإمام محمد بن مسعود) لأني غيرت انتمائي العقائدي واعتنقت مذهب أهل البيت صلوات الله عليهم فقررت مغادرة الجامعة وعدت إلى اليمن، وبعدها عزمت على الهجرة إلى الأرض التي تعينني على تعميق الأدلة والبراهين فسافرت إلى سوريا والتحقت بالحوزة العلمية في دمشق بالسيدة زينب عليها السلام بعدها ذهبت إلى إيران عام 1990 ودخلت الحوزة العلمية في قم المقدسة ودرست فيها المقدمات والسطوح إلى أن وصلت البحث الخارج.
أساتذة الدكتور العماد في الحوزة العلمية؟
أبرز أساتذتي كانوا السيد كمال الحيدري في الفلسفة، والشيخ الفياض من لبنان في الفقه، ودرست علم الكلام عند الشيخ الغروي، والمنطق عند سماحة الأستاذ إبراهيم الموحد القزويني، وبدأت أتخصص في علم الكلام، وقد حصلت على شهادة الدكتوراه من جامعة المصطفى في حوزة قم.
ما أبرز مؤلفات الدكتور العماد؟
أول كتاب الفته قبل استبصاري كفرت فيه الشيعة سميته (الصلة بين الاثني عشرية وفرق الغلاة) وبعد أن أهداني الله تعالى للمذهب رددت على كتابي بكتاب أسميته (حقائق المذهب الاثنى عشري وخصائصه أو رحلتي من الوهابية إلى الاثنى عشرية).
بعدها الفت كتاب (المنهج الجديد والصحيح في الحوار مع الوهابيين) وكتاب (كيف تعرف غيبة الإمام الثاني عشر)، وكتاب (الزلزال) وهو مجموعة مناظرات كاملة مع الشيخ الوهابي عثمان خميس.
وأيضاً هناك كتاب المستقبل للتشيع وغيرها من الكتب.
كتابك الذي ذكرته (المذهب الصحيح في الحوار مع الوهابيين)، هل هو دعوة للتقارب المذهبي؟
من خلال تجربتي مع الوهابية ودراستي عند علماءها في اليمن والسعودية كنت من أشد الوهابيين تعصباً وبعد انتقالي إلى المذهب الحق، فأنا اعرف الطريقة المثلى في الحوار مع الوهابيين وهذا الحوار لا بد أن ينحصر في أمور منها:
1. يجب أن يكون الحوار حول نقطة واحدة من آية واحدة أو رواية واحدة من موضوع واحد لأن العقل الوهابي لا يمكن ان يستوعب حقيقة المذهب الاثني عشري.
2. من الخطأ أن تحاور الوهابيين في غير حديث الثقلين لأن هذا الحديث دال على وجوب التمسك بالإمام علي (كرم الله وجهه) دون الصحابة وقد ذكره مسلم في صحيحه في باب (ما ورد عن النبي في الإمام علي).
وإذا طلب الوهابي أن يكون الحوار من خلال القرآن فلا بد أن نبدأ معه بآية التطهير لا بآية الولاية أو غيرها لأن هناك ارتباطاً وثيقاً بين آية التطهير وحديث الثقلين.
والأمر الثالث لا بد أن يكون الحوار مع الوهابيين حول دور بني أمية في الفصل بين أهل السنة وأهل البيت.
وأنا على يقين إذا كان حوارنا مع الوهابيين بهذا الاستدلال ـ ومن خلال دراسة استقرائية ـ فإن الكثير من الوهابية ومن أهل السنة سينتقلون إلى مذهب أهل البيت عليهم السلام لأن الكثير من الوهابيين يريدون معرفة الحق ولو عرفوا الحق لاتبعوه.
كيف تقرؤون الواقع الإسلامي في ظل الخلافات والطعون بين الفرق الإسلامية في الإعلام؟
أنا اعتقد أننا نعيش في عصر الصحوة فتوجد صحوة إسلامية بشكل عام وصحوة شيعية بشكل خاص فالواقع الإسلامي يبشر بخير فلا يوجد في التاريخ الاسلامي قد تحقق نصر للإسلام المحمدي الأصيل المتمثل بمذهب أهل البيت كما في هذا العصر، فقد أخترق المذهب العالم كله فدخل في كل قرية وكل بيت وكل منطقة فأصبح مذهب أهل البيت في كل مكان وبلغت رسالتهم في أقصى الدنيا وانتشرت حركة الاستبصار في كل مكان من العالم وإذا أدركت الأمة حقيقة مذهب أهل البيت وأدركت خصائصه وتعاملت معه لا من منطلق أفكار جامدة بل من منطلق حي يعيش مع الناس في الواقع فحينئذ يحدث تغير كبير لأن دخول الناس في مذهب أهل البيت سيغير الواقع الاجتماعي وسيغير كل شيء لأن من أسباب تخلف المسلمين هو ابتعادهم عن مذهب أهل البيت ومنهجهم فبدأت الآن البشرية تتجه نحو أهل البيت بعلم ومنطق وبفهم بعد أن قارنوا بين مذهب أهل البيت والمذاهب الأخرى وعرفوا خصائص أهل البيت وأنا متفاءل، وتفاءلي قائم على دراسة واقعية عالمية موضوعية ونحن دخلنا مرحلة العودة إلى مذهب أهل البيت عليهم السلام.
هل زرتم النجف الأشرف والحوزة العلمية فيها؟
لم أوفق لزيارة النجف الأشرف ولكن عندي اطلاع على الحوزة العلمية في النجف الأشرف كما سمعت فهي تهتم في علم الحديث وعلم الرجال وعلم الأصول وليس لديها توجه فلسفي كما موجود في حوزة قم وهذا الفارق الرئيسي بينهما، واعتقد أن هذا التنوع يؤدي إلى التكامل والتلاقح بين الحوزتين وهذا يثري المذهب الشيعي بالعلم والمعرفة ويكفي أن أكثر علماء قم قد تخرجوا من النجف الأشرف فلهذا تعتبر النجف الأشرف المغذي الرئيسي للعلماء فالمراجع الكبار تتلمذوا وتخرجوا من النجف الأشرف وهما تعتبران مدرسة واحدة وإن منبع قم هي النجف الأشرف.
كيف تقرؤون دور المرجعية الدينية في النجف الأشرف؟
الحمد لله فالمرجعية الدينية في النجف الأشرف لها دور كبير ومؤثر على الشعب العراقي وآية الله السيد علي السيستاني اعترف به العدو قبل الصديق ويعتبر نقطة الأمان وسفينة النجاة بالنسبة للمجتمع العراقي فبعد سقوط صدام قام بسياسة حكيمة استقطب بها جميع العراقيين واستطاع أن يدير المحنة التي مر بها الشعب الصديق بطريقة ذكية وحكيمة وما تحققت من إيجابيات في هذه الفترة فإنها ثمرة من ثمرات السياسة الحكيمة للسيد السيستاني.
كلمة أخيرة؟
أنا افتخر بالتحدث معكم لأنكم من مدينة حرم الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) واعتبرها فرصة سعيدة للقائي بكم وأتمنى لكم كل خير والعودة بسلام وأتمنى زيارة النجف والعتبات المقدسة فيها ولكني لا استطيع لعدم منحي جواز سفر من بلدي بسبب استبصاري وهذا حال الكثير من المستبصرين.