رحلة وليم لوفتس ( سنة 1849 م )

رحلة وليم لوفتس ( سنة 1849 م )

 

وليم بن كنت لوفتس (بالإنجليزية: William Loftus) ولد بتاريخ 1236/2/6 هجرية / 1820/11/13 م. وتوفي بتاريخ 1275/4/20 هجرية وذلك في الباخرة التي كانت متوجهة من الهند الى بلاده كان عضوا دوليا في لجنة ترسيم الحدود الدولية و تثبيتها بين العراق و ايران وقد رافقه درويش باشا العضو التركي في لجنة ترسيم الحدود الدولية و طاهر بك الحاكم العسكري في الحلة مع ثلة من الجنود العثمانيين وهو الذي اكتشف مدينة اور في العراق سنة 1256 هجرية / 1840 م. وكان من العلماء الآثاريين و المستشرقين - عنوان رحلته ( سياحة تنقيب في كلدة و السوس ).

زار النجف الاشرف في صيف السنة المذكورة من الحلة ، وفي معيته درويش باشا متصرف لواء الحلة ، وطاهر بك الحاكم العسكري فيها ، مع ثلة من الجنود الاتراك. 

وهو يقول في هذا الشأن : انه من النادر ان تسنح لأي مسيحي الفرصة للدخول الى اماكن عبادة المسلمين ، ولا سيما في مكان مقدس مثل مشهد الامام علي ، وحينما ابدى فكرة الدخول الي طاهر بك وجدت تشجيعا منه على ذلك ، ولما مرت جماعتهم بالسوق المؤدي الى الصحن ، كان الناس على عاداتهم الشرقية ينهضون للتحية ، فيردونها الدرويش و طاهر ، ولكنهم كانوا ينظرون شزرا الى الافرنج . 

وقد تجمع حشد من الناس وراءهم ، وحينما قاربوا باب الصحن كانت النظرات التهديدية والهمسات الخافتة تدل على انهم كانوا اناسا غير مرغوب فيهم ، لكن الجند اصطف في مدخل الصحن فاجتازوا من بينهم دون تردد.

ثم اخذ لوفتس يصف الصحن و شكله من داخله و الضريح المطهر الموجود في وسطه مشيرا الى زينة القاشاني المحتوية على الروسم المتناسقة . ثم ذكر ان هناك ثلاث مآذن ، كسيت الاثنان الاماميتان منها بالآجر المغلف بالذهب ، وهذه مع القبة كانت تؤلف منظرا فخما يعجز عنه الوصف . وكانت القبة الكبرى المكسوة بالذهب وهي تتوهج في نور الشمس تبدو للرائي من بعيد كأنها تل من الذهب يقوم من البراري الممتدة من حوله. 

ويذكر لوفتس ان الصحن كانت تباع فيه اشياء و حاجات كثيرة فيقارن ذلك بالمعبد في بيت المقدس الذي دخل اليه المسيح قبل ثمانية عشر قرنا فوجد الناس يبيعون فيه الثيران و الاغنام ، و الصرافين يتاجرون بالعملة ، وقد لفتت نظره على الاخص طيور الحمام الكثيرة في الصحن. 

ولقدسية النجف هذه كان يقصدها الزوار الشيعة من جميع الانحاء على حد قوله ، وعلى هؤلاء كانت تعيش البلدة بأجمعها ، وكان يقدر معدل عدد الزوار الذين كانوا يفدون عليها في كل سنة بمقدار (80,000) شخص ، كما يقدر عدد الجنائز التي كان يؤتي بها للدفن بشيء يتراوح بين (5,000) و (8،000) جنازة في السنة.

ثم يذكر الرحال ان توارد الزوار على النجف بكثرة قد اغناها غناء غير يسير من تلك الايام ، كما يستدل من التوسع الذي طرء عليها في تلك السنين و السور الجديد الذي انشئ لها ، وكذلك يشير الى انه وجد ان نهرا كان يحفر لايصال الماء الى البلدة من الفرات وحل مشكلته ، والى فضول اهالي النجف وتجمعهم حول الاجانب القادمين من الخارج الى حد ان البعض كان يأتي بأهله و نسائه للتفرج عليهم. 

 

موسوعة العتباب المقدسة : 1 / 234 - 237