رحلة فرايا ستارك ( سنة 1937 م )

رحلة فرايا ستارك ( سنة 1937 م )

فريا مادلين ستارك (1310 - 1413 هـ / 1893 - 1993 م) هي رحالة و مستشرقة بريطانية، درست اللاتينية ثم اللغة العربية والفارسية في جامعة لندن ، وتزوجت بالمستشرق ستيوارت هنري براون Stewart Henry Perowne . ألفت أكثر من عشرة عن رحلاتها للمشرق.[3] من أهمها «وديان الحشاشين» 1934 م و «البوابات الجنوبية للجزيرة العربية» 1936 م، و «جزيرة العرب» 1945 م، و «فرساوس في مهب الريح» 1948 م.[4]

السائحة الصحفية المؤرخة الانكليزية فريا ستارك واحدة من بين اشهر الرحالات الغربيات اللاتي جبن الشرق العربي خلال الربع الاول من القرن العشرين ، عراق الثلاثينات في العهد الملكي ، كانت سائحة صحفية مؤرخة بالصور خاصة ، زارت العراق وولعت به ، كانت تتعاون مع الادارة البريطانية ، وتمكنت من خلال عملها في جمعية انكليزية التعاون مع اوساط الشرقيين ، كانت هواية فريا ستارك التجول في العراق بعد ان زارت عمان و دمشق. 

 زارت النجف الاشرف سنة 1937 م وبقيت فيها اسبوعا واحدا ضيفا على القائمقام الذي انزلها في جناح الضيافة الموجود في نادي الموظفين وقد كتبت فصلا خاصا عن النجف ضمنته ملاحظاتها عنها في كتابها المرسوم و تبدأ ملاحظاتها بما شاهدته في الكوفة ، ثم تنتقل الى النحف الاشرف فتقول : قد كان الامام علي هنا يعمل للخير و يتمسك بالامور المثلى على حد تعبيرها ، فأفنى نفسه وهو مريض الفؤاد ما بين اهل الكوفة المتلونين . وعلى مسافة غير بعيدة من هذه البقعة جعجع ابنه الحسين الى جهة البادية وظل يتجول حتى نزل في كربلاء ، فقتل قتلة فظيعة مع أهل بيته بعد أن منع عنهم الماء ، وقصة قتله هذه من القصص القليلة التي تقول ( فرايا ستارك ) إنها لا تستطيع قراءتها من دون ان ينتابها البكاء ، وتقول ايضا ان التاريخ قد توقف في كربلاء و النجف منذ يوم مقتله ذاك ، لأن الناس اخذوا يعيشون فيهما على ذكرى الكراهية لأعداء الحسين.

وقد أخذت النجف محل الكوفة ، على ما ترى ، و مع ان سكانها قد استقروا و تمدنوا فإنها لا تزال تعد من مدن البادية ، المحاطة بسور خاص ترتفع هي في داخله فوق هضبة واطئة من الارض كأنها تاج يعلوه ذهب القبة المتلألئ ، وما زال بدو عنزة و شمر يقصدونها من رمال النفوذ البعيدة للتزود منها ، بينما تسلك السيارات الطريق الممتدة منها الى مكة ، وهي طريق الحج المسماة باسم زبيدة ... 

وقد تجولت ما بين القبور في بعض الامسيات كذلك وأمضت أمسية واحدة منها في التفرج على ما يجري عند الباب الكبير المؤدي الى الصحن فكانت من أجمل الامسيات التي قضتها في حياتها كلها ، وكان ذلك في غرفة تعود للشرطة و تطل شبابيكها على باب الصحن وقسم من السوق ، وتنهي الفصل بوصف جماعة من فقراء الافغان كانوا يعيشون على الكفاف ، ويحصلون على قوتهم من حياكة بيوت الشعر ، ثم ينتزع كل منهم فلسا واحدا من وارده الشحيح بين حين و آخر فيعطيه للأنفاق على العتبة ، وتعلق على ذلك بكل إكبار و إجلال قائلة : من نكون نحن للننتقد عقيدة تعطي مثل هذا المقدار ياترى ؟ .

 

baghdad sketches  london 1937  freya  stark  المصدر : 169 ، الطبعة cuild books 1947