نقد الفلسفة المعاصرة عند السيد محمد باقر الصدر

نقد الفلسفة المعاصرة عند السيد محمد باقر الصدر

مكتبة الروضة الحيدرية 

الرسائل الجامعية : 41

 

تأليف  

عقيل صادق زعلان الاسدي

 

المقدمة 

      الحمدُ لله رب العالمين الذي يُعطي الكثير بالقليل  ويعطي من سأله ومن لم يسأله تحنناً منه ورحمة. والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين .

       إن الطابع المميز للتراث الفكري للمفكر محمد باقر الصدر هو الطابع النقدي ، فإننا نجد في مؤلف له مثل (فلسفتنا) أو الأسس المنطقية للاستقراء ، أو (اقتصادنا) نقداً ممنهجاً0 للفكر الغربي ، كانت له دوافعه وأسبابه الخاصة ، وكانت له صورته المنهجية وآلياته التي تتلائم مع صورته المنهجية . وعلى هذا الأساس ومن هذا المنطلق كان اختيار موضوع الأطروحة للبحث عرضاً وتحليلاً في نقد الصدر للفلسفة المعاصرة .

       إن موضوع الأطروحة يثير حسبما يرى عند الباحث عدة تساؤلات نجد أن الإجابة عنها يمكنها أن ترسم لنا صورة إجمالية عن طبيعة البحث . فلماذا الفلسفة المعاصرة دون غيرها ؟ وما المقياس في تحديد الفلسفة المعاصرة ؟ وما المدارس والاتجاهات الفلسفية المعاصرة التي كانت موضوع النقد ؟ هذه أهم التساؤلات التي كانت شاخصة في ذهني والتي كانت الإجابة عنها فيما يخصني مرحلة سابقة للدخول في تفاصيل الأطروحة وجزيئات النقد والتحليل .

       إن اختيار الفلسفة المعاصرة بالذات جاء لأهمية هذه الفلسفة لا على أساس الموضوعات التي ناقشتها هذه الفلسفة أو ان موضوعاتها ومشكلاتها جديدة في الفكر الإنساني بل على أساس أن هذه الفلسفة تضم مدارس واتجاهات تمثل الأفكار المتصارعة في الثقافات الإنسانية وخصوصاً في الثقافة العربية والإسلامية التي يجب أن يكون لنا موقفاً فكرياً اتجاهها ، ولا يمكن أن يكون هذا الموقف الا بعد التعرف عليها ومعرفة جدارتها في الفكر الإنساني ، والنقد الموضوعي يتكفل لنا بذلك لأنه يعرضها ويحللها ويختبر صلاحيتها واتسـاقها . فالنقد الموضوعي مسـألة جداً مهمة وهـذه دعوة لمراجعة متبنياتنا الفكريـة

 وقناعاتنا الشخصية . فأهمية الفلسفة المعاصرة راجع الى حجم هذه الفلسفة في ثقافتنا المعاصرة ومواقفنا الفكرية اتجاههـا . ولو جئنا للمقياس الذي وضعناه لتحديد الفلسفة المعاصرة لوجدناه ليس مقياساً جديداً ومبتكراً بقدر ما هو مقياس وجدنا من الباحثين في الحقل الفلسفي والكتاب يؤكدونه وهو أن الفلسفة المعاصرة يمكن تحديدها بالأفكار التي ظهرت في العالم مع بداية القرن العشرين أو نهايات القرن التاسع عشر أو بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية . (1)

       إما المدارس الفلسفية التي يمكن أن يشملها هذا التحديد والتي كانت موضوع النقد في الأطروحة فهي الماركسية * والوضعية المنطقية * والبرجماتية .* وهنا يمكن أن تبرز مشكلة بحسب هذا التحديد ذلك بان الفلسفة الماركسية على سبيل المثال هي من الفلسفات التي ظهرت فـي بدايات القرن التاسع عشر ومنتصفه وتحديداً على يد كارل ماركس فهي بذلك تعد من الفلسفات الحديثة وليست المعاصرة . وهـذا الشيء صحيح فيما لو كانت الماركسية ليس لها امتداد فالماركسية لها امتداد يصل الى وقتنا الحالي . هذا من جهة ومن جهة أخرى . وهذا القـول لا يقتصر على الماركسية فقط بل بشكلٍ عام . وهـو من منهجيه الأطروحة. إننا أولينا أهمية للفكرة أو المشكلة الفلسفية وليس للشخصيات وممثلي هـذه الفلسفة المعاصرة ، فقـد انصب نظرنا على الفكرة وطابعها العام ، فعلى سبيل المثال تناولنا الطابع العام للأفكار الماركسية التي يشترك بها ماركس وانجلز ولينين وستالين وماوتسي تونغ وغيرهم من الماركسيين . أي بعبارة أدق راعينا التركيب الأفقي وليس العمودي .

       إن مسألة تحديد الفلسفة التي اشـرنا إليها المعاصرة هـي من المشاكل التي واجهتنا

والتي كان لتذليلها وجوب تحري الدقة والالتزام بإيراد النصوص الماركسية المعاصرة التي تؤكد الطابع العام للأفكار الماركسية ، ومن المشاكل والصعوبات الأخرى هي ندرة الكتابات الفلسفية التي تتناول الجانب النقدي عند المفكر الصدر وهذا ما جعلنا نعتمد اعتماداً كلياً على النصوص الأصلية لمؤلفات الصدر مما كان له الأثر على قلة مصادر البحث بشكل عام ، وهذا مما يجعل البحث ايضاً بحثاً جديداً واجتهاداً عسى أن يلاقي التوفيق والقبول .

       لقد راعينا في تقسيمنا لفصول الأطروحة ان يكون التقسيم تقسيماً مبنياً على فكرة فحواها ان دراسة النقد بصورة عامة لا يكتمل الا إذا استوعبت الدراسة ثلاثة محاور هي (النقد) و (الناقد) و (موضوع النقد) - أي المنقود- وعلى هذا الأساس جرى تقسيم الفصـول . فكان الفصل الأول (دوافع النقد عند الصدر) وهذا هو المحور الثاني خصوصاً وهذا الفصل تناول ايضاً نظرة عامة عن حياة السيد الصدر وشخصيته والبيئة الفكرية التي شكلت أفكارهُ مما لها علاقة وثيقة مع دوافع النقد التي حددناها (بالدافع الحضاري والاجتماعي والديني والفكري)

       إما الفصل الثاني فتناول إشكال النقد عند الصدر ، فكان (نقد الأطر العامة للفلسفة الغربية) و (نقد الفلسفة اليونانية) و (نقد الفلسفة الحديثة) هي مباحث الفصل والتي تشكل بعد ضم الفلسفة المعاصرة المحور الثالث من العملية النقدية . إن هذا الفصل هو بمثابة المدخل أو المقدمات للفصول الأخرى التي جاءت بعده لما له علاقة وثيقة بالفلسفة المعاصرة ونقدهـا . إما الفصل الثالث فتناولنا فيه نقد الصدر للفلسفات والمدارس التي كانت لها آراء ونظريات عن نظرية المعرفة كمسألة الإدراك وطبيعة المعرفة وحدود المعرفة وقيمة المعرفة . اما الفصل الرابع وهو الأخير فلقد خصصناه لنقد السيد الشهيد للفلسفة المادية وخصوصاً الفلسفة الماركسية وأصولها الفكرية ومواقفها الفكرية التي تتلائم مع ماديتها . ولقد عملنا في هذين الفصلين (الثالث والرابع) على عرض الأفكار والنظريات الفلسفية المعاصرة وعرض آراء الناقد ومن ثم النقد – أي نقد الصدر- مع تحليل هذه النصوص النقدية وتوضيحها وبيان أصولها وعلاقتها بمفاهيم فلسفية أخرى .

       واخيراً لا يسعني الا أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير لكل من مد يد المساعـدة والعـون

-------------------------------------------------------------------------------------------------------

(1) ينظـر على سـبيل المثال : روديجر بوبنر ، الفلسـفة الالمانية الحديثـة ، ترجمـة فـؤاد كامـل ، دار الشـؤون 

    الثقافية العامة ، ط1 ، بغداد ، 1986 : 11 . كذلك ينظر : عزمي اسلام ، اتجاهات في الفلسفة المعاصرة،

    وكالة المطبوعات ،(ب .ط) ، الكويت : 25- 35. وفيه ينقل الكاتب اكثر مـن تصنيف كتصنيف بوشـنكي

     وهاري بروش .

* الماركسـية : فلسـفة من وضـع كارل ماركـس ( Marx ) (1818- 1883) وفـردريك انجليز (Engels )

   ( 1820- 1895) ولينين ( Lenin ) (1870- 1924) وهـي نـظرية علمية ثورية لا تقتصر علـى تفسير

    العالم وانما تهدف الى تغييره مستندة في ذلك الى المادية التاريخية والمادية الجدلية . وهي فلسفة مادية لأن

   تصورها وتعليلها لحوادث الطبيعة والمجتمع مادي وتوصف بانها (جدلية) لأن منهجها في البحث والمعرفة

   جدلي. ومن ابرز من مثلها ايضاً غير ماركس وانجليز ولينين . ستالين (Stalen) وماوتسي تونغ (Tung)

  (1893 - 1976) واخرين .

* الوضعية المنطقية (Logical  Positivism) نشأت في العشرينات من القرن الحالي في جماعة فينا التي

   تكونت فعلياً على يد شليك (Schlick) (1882- 1936) ولقد تاثرت الوضعية المنطقية بالفلسفة التجريبية  

   والوضعيـة السابقتين كمـا تأثـرت بعـلم المناهـج الخاص بالعـلم التجريبي كذلك تأثـرت بالمنطـق الرمـزي

   والتحليل المنطقي للغة. ومن ابرز من مثل هذه الفلسفة رودلف كارنب (Carnap) (1891- 1970)

    جولدز  آير (Ayer) (1910-      ).

* البراجماتية(Pragmatism) وتعتبر تطويراً للاتجاه العلمي وتعد الحقيقة هـي فـي صميم التجربة الانسـانية

    وان المعرفة آله او وظيفة في خدمة مطالب الحياة وان الفكر في طبيعته غائي زابرز من يمثل هذه الفلسـفة

   بيرس (Peirc) (1839- 1914) وليم جيمـس (James) (1842- 1910) وشـيلر (Schiller)(1864-

    1937) وجون ديوي (Dewey) ( 1859- 1952).

------------------------------------------------------------------------------------------------------------

الفهارس                            

                                                    

   المقدمــة                                                       1 - 4           

- الفصل الأول ( دوافع النقد )                                 5 - 27

   تمهيـــد                                                          6                                           

   المبحث الأول (عوامل النشأة الفكرية)                      7 - 10

   اولاً / حياة السيد الصدر                                      7 - 9

   ثانياً / النشأه الفكرية                                           9 - 10                             

   المبحث الثاني (دوافع النقد)                                  11- 27

   اولاً / الدافع الحضاري                                        11- 16 

   ثانياً / الدافع الاجتماعي                                        16- 21

   ثالثاً / الدافع  الدينـي                                           21- 25

   رابعاً / الدافع الفكري                                          25- 27                                                                                                    

 الفصل الثاني (أشكال النقد)                                       28- 54

   تمهيــد                                                             29 

   المبحث الأول (نقد الأطر العامة للفلسفة الغربية)           30- 38      

   المبحث الثاني (نقد الفلسفة اليونانية)                         39 - 47

   المبحث الثالث (نقد المدارس الفلسفية في الفلسفة الحديثة)  48 - 54  

  الفصل الثالث (نقد نظرية المعرفة)                      55- 109

   تمهيــد                                                    56 - 58

  المبحث الأول (الإدراك البشري)                        59 - 70

  المبحث الثاني (مصدر المعرفة البشرية)                71- 85

  المبحث الثالث( حدود المعرفة)                           86- 96

  المبحث الرابع ( قيمة المعرفة)                           97- 109

 الفصل الرابع (نقد الفلسفة المادية )                       110-161

 تمهيــد                                                      111- 112

 المبحث الأول (الواقعية الإلهية )                         113- 116

 المبحث الثاني (المادية الديالكتيكية )                      117- 134

 اولاً / حركة التطور                                        120- 123

 ثانياً / تناقضات التطور                                     123- 129

 ثالثاً / قفزات التطور                                        129- 132

 رابعاً / الترابط العام                                         132- 134

 المبحث الثالث ( مبدأ العلية)                                135- 140

 المبحث الرابع ( أصل العالم)                               141- 154

 المبحث الخامس  (المادية التأريخية )                      155- 161

 اولاً / مادية التاريخ                                          158- 159

 ثانياً / ديالكتيكية التاريخ                                    160- 161

 الخاتمة                                                       162- 164

 المصادر                                                      165- 171